الجمعة، 15 يناير 2010

محمد قنديل...بين شطّين و مية





بين شطين و مية


بين شطين وميه عشقتهم عينيا
ياغالين عليا يا أهل اسكندرياااااه بين شطين وميه عشقتهم عينيا اه
يااااااااا ياغالين عليا اه
ياهل اسكندريه ياهل اسكندريه
............ ................ .............
ياما الناس قالوا لي قالو و وصفوا لي 
حلو بسنه لولوي و التيه واخدو غيّة
 ياغالين عليا ياهل اسكندريه
محقوقلي وظلمني
 و في قلبي مقاسمني
 من مده مخصمني
 مش داري اللى  بيا
 يا غالين عليا (2) ياهل اسكندريه
............. .................. ............
لا اسأل عن دياره و اروحله و ازوره
اسال عن دياره اروحله وازره واتملي بنوره
واخدله هديه
 ياغالين عليا ياهل اسكندرية
................ ............ .............
روحنلكم و جينا و زورنا المدنيه
بالغالي ندينا اه بالغالي ندينا
لشلكم في عنياه
ياغالين عليا اه
ياهل اسكندريه


إستماع و تحميل


فراديس علاء خالد


علاء خالد فى مقهى إيليت قبل بداية ترميمه



أحمد الفخرانى
ــــــــــــــــــــــــ
ذات يوم مر أحد أعضاء مجمع اللغة العربية بالصدفة على جاليرى علاء خالد بحى رشدى فى الاسكندرية، توقف أمام اسم الجاليرى "فراديس" ، فدخل إلى صاحب الاسم معترضا على جمع الكلمة "لايوجد سوى فردوس واحد فى الجنة،لا أحد يملك فردوسه على الأرض،ولايمكن جمع الكلمة"
لكن الجاليرى بالفعل هو فردوس علاء خالد الخاص،جنته التى انشأها عام 1996 مع زوجته سلوى رشاد،رفيقة حياته ونصفه الذى قاسمه أحد أهم المطبوعات الثقافية فى مصر "أمكنة.
"كانت فكرة منقذة "يقول علاء خالد،بعد انقطاع خمس سنوات عن العمل حيث كان يعمل كيميائيا بإحدى شركات القطاع الخاص،زوجته خريجة الفنون الجميلة،كانت العنصر الأساسى وراء اختيار الجاليرى كمشروع .
خبرات عديدة اكتسبها صاحب "حياة مبيتة "، كان أكثر قلقا من الناس ومن الاحتكاك المباشر بهم "كنت أخشى البقاء بمفردى فى البداية، وأصر على بقاء سلوى زوجتى معى فى الجاليرى" .
رويدا رويدا اكتسب علاء خالد حساسيات المكان الذى يمتلك قدرة على صنع علاقة حميمية وأليفة مع من يدخله، صارت خبراته مع الناس أكثر صقلا ورهافة،أعطاه وقتا أكبر للكتابة والقراءة والتأمل.
8 ساعات يوميا من البقاء وسط أيقونات بهذه الدقة والجمال والتناسق، أشاع حالة جمالية داخله على حد تعبيره.
"قصائد (كرسيان متقابلان )كتبت كلها من خلال ما رأيته من خلف زجاج الجاليرى الذى يكشف الشارع، تلك العجوز السويسرية التى لاتعرفنى، ثم دخلت إلى لتحكى بدون مبرر عن حياتها ومآساتها "
ليس مكانا للاعتراف، لكنه مكان للبوح، حالة التخفف التى تعترى كل من يدخل إلى الجاليرى سمحت بذلك ،تصميم المكان ، تناسقه، نوعية معروضاته التى تتنوع بين الموازييك والخيامية والفوتوغرافيا والآلبستا،والزجاج اليدوى كلها أشياء تمنح المكان روحا تتلبس من يدخله، روح من يدخل فردوس على الأرض.
علاقة لاتتورط فيها ولا يتورط معك أحد فيها هى نفسها العلاقة بين علاء خالد والآخرين فى الوسط الثقافى سواء من الأجيال السابقة أو الحالية "اتعامل مع كل فرد بوصفه مشروع مستقل"يقول صاحب "جسد عالق بمشيئة حبر"
كان علاء خالد وزوجته سلوى رشاد يسافران كثيرا، حرصا على أن يعرفا ماتتميز المكان بصناعته، هنا فى الجاليرى منتجات من كرداسة والفيوم والحرانية وسيوة .
"ليست الأماكن فقط،لكن أرواح الصانعين،تراها هنا بوضوح ،الأمر الذى يفرق الشغل اليدوى عن أى شىء آخر ، تتبقى بصمة صاحبه، طريقته فى الحياة فى الحب فى استقبال التفاصيل".
بدأ الجاليرى برأس مال فقير،وأثناء الاعداد للمكان شارك العديد من الأصدقاء فيه ولو بالطلاء أو بترتيب المكان أونقل معروضاته كأسامة الدناصورى رفيق عمر علاء خالد الذى رحل مبكرا ، ندمت عندما سألته عنه،لمحت تلك الرغبة فى البكاء عند الحديث عن اسامة الذى لازالت ذكراه حية فى وجدانه واضطررت لقطع الحوار، بتدخين سيجارة معه على باب الجاليرى .
عندما كان علاء خالد يقف كثيرا خارج الجاليرى لتدخين سيجارة ، كان بائع السمك المجاور له ينصحه أن يأتى بماكينة تصوير، فلم يكن بائع السمك يدرك أن طبيعة المكان تفرض عدد قليل من الزبائن، فالدكان الرائج يعنى عنده "أقدام كثيرة تعبر إلى المحل" تذكر علاء ذلك ضاحكا .
فكرة الجيرة بين أصحاب المحلات، فكرة مهمة اكتسبها من الجاليرى، وفى احدى قصائده يكتب عن عم عطية "المكوجى "،علاقة تكونت بينه وبين عم عطية دون مباشرة، عرف كل منهما حدود الآخر وطباعه.
كيف يتحول الشاعر إلى بائع ؟هل تنقذه الثقافة أم يأكله قانون البيع والشراء.
زبون الجاليرى زبون من نوع خاص، يشترى على فترات بعيدة،"تربية الزبون " أضافت فكرة مهمة عند علاء خالد، أن لايتعجل فى علاقة مع أحد وأن يترك للآخر حرية اختيار ايقاعه الخاص منه، دون تدخل منه،قد يدخل زبون إلى هنا ويتحرك فى المكان لمدة ساعة أوساعتين يشاهد و"يقلب" فى البضاعة ويخرج دون أن يشترى شيئا، لم تفلت أعصاب صاحب "تصبحين على خير" سوى مرة واحدة،على زبونة إيطالية أصرت أن تخرج بسعر حددته هى، كان اصرارها عجيبا، لدرجة أنه لم يقبل اعتذارها وتراجعها حاسما الأمر"مافيش بيع "
لم يكن ما يحويه الجاليرى حكرا على الطبقة الأرستقراطية أو المثقفة، لكنه كان فى الماضى جزءا من تفاصيل البيوت الفقيرة ،لكن اختفاء صفات اجتماعية أخفى معه ذائقة جمالية،فلم يعد أغلب المصريين يمتلكون ذلك الحس الذى يشبع القلب قبل العين.
احتوى ذلك المكان على كلام عميق وحميم بين بشر مختلفين .لكن ماالذى يحويه قلب علاء خالد، هل هو راض بفردوسه؟ذلك المكان الملىء "بالحنية" كما قال.
إنه ينتظر شيئا آخر، لن يطيق أدم صبرا على الفردوس، سيصير بالنسبة له "حالة مؤقتة " لا يعلم علاء ماهى الخطوة القادمة، فقط يعلم أنها قادمة.
"حياة المصريين وصلت إلى حالة من الاختناق،حياة مثل تلك تحتاج إلى شىء من المخاطرة والابتكار"
ماالذى يبحث عنه علاء خالد ولايرضيه عن فردوسه الذى منحه "الأمان والحنية"، لازالت كلماته التى اختتم بها الحوار تشتعل فى قلبى "لاتصدق أبدا أن فرديتك ناجية،اختياراتنا التى تقربنا من الأمان، ماهى الاحواجز تعيقنا عن اكتشاف أرواحنا، المخاطرة وحدها هى التى ستقف بنا فى مواجهة ذواتنا ورؤيتها من جديد"
سيغادر فردوسه، ليصنع آخر 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
علاء خالد شاعر و روائى سكندرى
* أحمد الفخرانى صحفى و قاص من إسكندرية و يقيم بالقاهرة.






مقاطع مش حزينة أوى




صفاء عبد العال*
ـــــــــــــــــــــــــــ


1
لو كنت راعيت ربنا شوية فى حبة الخيال اللى مديهم لى
ومادورتش أبعزق فيهم يمين وشمال
اشى ملايكة بفساتين فزدقى بيتنططوا حواليا
وأنا باجيب الديب من ديله
على الجنيات اللى بياخدوا بايدى فى كل مرة
أدخل فيها قصيدة وما أعرفش أخرج
يمكن كنت قدرت دلوقتى أعرف بالظبط
الجناحات اللى معايا دى كلها بتاعة مين!!
2
النجمة اللى لقطتها قبل ما تقع على الارض
كانت مطفية
فاضطريت بدافع الشفقة انّى أخليها معايا
لكن الجبانة كانت عارفة
شفطت كل النور اللى فى روحى
وطفتنى
3
البحر اللى ما قدرش يجاوب على سؤال الملح
ولا يسد الفراغ اللى سابه الصخر فى رجلينا
ولا الجروح الغايرة فى روحنا
مايستاهلش تكون نهايتنا على ايده
4
ايه اللى فاضل فى ّ الريح ماكنستوش
بعد ما بلعت الأرض اللى قدرت عليه
ورقصت النار على الباقى
فاكرين انهم بكده بيخفوا معالم جريمتك
وبيمنحونى الوقت عشان أسامحك
طب أزاى!
وعينى دى اللى تحت رجلك
5
النهارده ولأول مرة
قدرت امسك الحكاية من طرفها
لكن الظاهر جنون الفرحة
عمانى عن ان طرفها التانى
شابك فيه عفاريت لا ليها أول ولا اخر
ساعتها بجد ماكانش الفزع هو اللى شاغلنى
كان كل همى ازاى أدبر لهم مكان
عشان يناموا فيه
6
البهجه دى مش بتاعتى
فياريت ماحدش يضرب نار
واللى يحبنى ما يسألنيش عن الرحمةاللى جت
قبل راسى بكام مللى ومارضيتش تنزل
وازاى ده خلاّنى ساعات كتير قوى
أشك فى وجودها
واضطر فى أوقات اكتر أستعمل أى فرح قديم
عشان أقعد بيه وسط صحابى
يمكن أقدر أستر مجالى
على النموذج
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


شاعرة سكندرية

رباعية الإسكندرية...لورانس داريل


Lawrence Durrell


"الخواجة" داريل يعود بعد الطوفان

دينا حشمت

جوستين» بلغت الخمسين... ولمّا نتصالح مع «رباعيّة الاسكندريّة»
حين تحتضن الإسكندريّة مؤتمراً عن الرباعيّة الشهيرة، لا مفرّ من انبعاث أسطورة «الكوسموبوليتية»... ومعها الجدل القديم عن التعاطي «الاستشراقي» والفانتازي مع المكان، في هذا الأثر «الخالد». ماذا بقي اليوم من مدينة لورانس داريل؟
عندما صدرت «رباعية الاسكندرية» في ستّينات القرن المنصرم، احتفت بها الأوساط الثقافية العالمية تحفةً أدبيةً نادرةً، جلبت الشهرة لصاحبها. وسرعان ما اعتُبر البريطاني لورانس داريل ( 1912 ــــ 1990) كاتبَ الاسكندرية، الذي خلّد المدينة روح «الكوزموبوليتية» عاصمة الذاكرة، ومدينة الرومان والإغريق التي بُنيت «كالسدّ لمنع طوفان الظلمة الأفريقية» كما تصفها «الرباعية».

إلا أنّ الرواية لم تلق الاستحسان عينه في مصر التي كانت عام 1957، سنة صدور «جوستين»، (الجزء الأول من «الرباعية»)، تعيش في أوج آمال القومية العربية والثورات التحرّرية في القارة الأفريقية. هكذا، كتب مثقفو الإسكندرية وأدباؤها يعبّرون عن شعورهم بالغربة تجاه تلك المدينة التي يصفها داريل منقسمةً بين «المدينة الأوروبية»، مدينة الكورنيش والمقاهي في شارع فؤاد، وبين «الأحياء العربية»، أحياء يُقدّمها من خلال مشاهد فولكلورية غرائبية على غرار احتفال شعبي بمولد أحد الأولياء، أو بيت دعارة للأطفال... أحياء تعجّ بالأصوات المُزعجة والروائح الكريهة مثل «رائحة اللحم الأسود وهو يعرق».

حتى الكتّاب الذين عاشوا فترة ازدهار الجاليات الأجنبية، مثل إدوار الخراط، وعبّروا في كتاباتهم عن نوع من الحنين إلى فترة التعايش بين جميع الجنسيات والأديان التي عرفتها الإسكندرية في الخمسينات والستينات، وصفوا «الرباعية» بأنّها بعيدة كل البعد عن «إسكندريتهم». كتب الخرّاط يقول إنّ داريل «لم يعرف الإسكندرية، (...) فالإسكندرية عنده أساساً هي وهم غرائبي».

أتى داريل إلى مصر عام 1941 هارباً من تقدّم النازيين الألمان في اليونان، وعمل «ملحقاً صحافياً» لدى مكتب الاستخبارات البريطاني في الإسكندرية من عام 1942 حتى 1944. تقع أغلب أحداث الرواية قبل هذه الحرب مباشرة، في «المدينة الأوروبية»: هناك، في بهو فندق «سيسيل» القديم المطلّ على البحر يلتقي الراوي الكاتب الإنكليزي الشاب دارلي، جوستين، اليهودية المصرية المتزوّجة نسيم الذي ينحدر من إحدى العائلات الأرستقراطية المسيحية الاسكندرانية. تنشأ علاقة غرامية بين دارلي وجوستين، يزيد في تعقيدها ارتباط دارلي براقصة يونانية شابة هي ميليسا. تستمر هذه الشخصيات الرئيسية وغيرها في البحث عن ذواتها من خلال خبرات تستكشف معنى الجنس والحب، معنى الحياة والواقع. تزداد حبكة النصّ تعقيداً في الأجزاء التالية من «رباعية الاسكندرية» وهي «بلتازار» (1958)، و«ماونت أوليف» (1958) و«كليا» (1960)، في وسط مغلق مختنق، يعجّ بمؤامرات سياسية يُدبّرها رجال الدبلوماسية البريطانية العاشقون لمصر (ونسائها)، ورجال السلطة المصرية الذين يصورهم داريل مثالاً «للمستبد الآسيوي» الفاسد الدموي. كل هذا في «مدينة الجنس والموت» كما يصف داريل الإسكندرية في رسائله إلى الروائي الأميركي هنري ميللر.

لا غرابة إذاً في أن تثير الرواية، منذ صدورها حتى اليوم، ذلك الكم الهائل من الجدل. والجدل نفسه، كان من الصعب تجنّبه، في إطار مؤتمر عن «رباعية إسكندرية» ينظّم في مصر، حتى وإن كان مدفوعاً برغبة تجاوز المناقشات العقيمة التي قد تُصاحب هذا النوع من الإشكاليات. لقد فشل هذا المؤتمر الذي نظّمه أخيراً «المجلس الثقافي البريطاني» بالاشتراك مع «مركز أبحاث الإسكندرية والبحر المتوسط» التابع لـ«مكتبة الإسكندرية» في الخروج من «الكلام المكرّر الذي لا بد أن يُصاحب أي مؤتمر عن داريل» على رأي الشاعر الإسكندراني علاء خالد. ولم يأت بأي جديد. من ناحية الشكل، ظهر التوازن بين «إسكندرية الماضي» (أي مدينة داريل) و«إسكندرية الحاضر» (أي مدينة الكتّاب المعاصرين) كمحاولة مصطنعة للتوازن بين رؤية «استشراقية» وأخرى «وطنية» عُرضتا بشكل متواز، كأنْ لا تداخل بينهما.

أمّا من ناحية المضمون، فلا الجلسات الخاصة بحياة داريل (شارك فيها اختصاصيّون في علاقة الكاتب بالمدينة المتوسطية، والمكانة التي احتلتها في مخيلته كروائي مثل مايكل هايج)، أو في شعره المتوسطي مثل بيتر بورت...)، ولا العروض الموازية (شريطان تسجيليّان)، نجحت في إثارة أي مناقشة... على الأقل على المنصة. الجدل المتوقع جاء من الجمهور هذه المرّة. وهذا ما حدث أثناء جلسة «القراءات لأدباء الإسكندرية» التي اعتذر عنها إدوار الخراط. أمّا الروائي المصري إبراهيم عبد المجيد، فكان يبدو أنّه سيكتفي بالإعلان بأنّه كان «متيّماً بجوستين»، قبل أن يقرأ للحضور جزءاً من روايته «طيور العنبر» التي تدور أحداثها في إسكندرية تأميم القناة... لكنّ ملاحظات الجمهور أجبرته على أن يتّخذ موقفاً في الموضوع. ومع ذلك، فقد عبّر عن رأيه من خلال تعميمات ترضي الجميع («مفيش إسكندرية واحدة، فيه إسكندريات، داريل إسكندرية، تزالاس إسكندرية، والكل صادق في تعبيراته»)، بعدما استفزته مداخلة رأت أن «الرباعية» «مؤامرة على الروح المصرية الأصيلة».

هاري تزالاس، الكاتب اليوناني الذي ولد وعاش حتى عامه العشرين في الإسكندرية، هو الوحيد الذي خرج بسبق الإصرار والترصّد على برنامج «الإسكندريات الموازية». قال قبل قراءة قصة من أعماله تدور أحداثها في الإسكندرية، إنه «لم يشعر بأي حماسة عند قراءة «الرباعية»»، متسائلاً إذا كان سبب ذلك أنّه «إسكندراني»؟ كأنّه يشير إلى صعوبة أن يستسيغ «الإنسان المحلي» رواية استشراقية تدور في مدينته. كما ذكّر هاري تزالاس الحضور بإحدى قصصه التي تحكي تجربة عاشها في الإسكندرية عندما ذهب مع ابن بوّاب عمارته ليستمع إلى خطبة تأميم قناة السويس التي ألقاها جمال عبد الناصر في ميدان المنشية... كأنه أراد إعلان انتمائه إلى «طوفان الظلمة الأفريقية» في مواجهة «عاصمة الذاكرة» المحبّبة لداريل 

لتحميل الأجزاء الأربعة لرباعية اسكندرية




.

مبعثرة.....




أيمن الجندى*
ــــــــــــــــــــــ



يسحب نفساً عميقاً من شيشته الحامية خالقاً أكواناً من السديم الابيض . ناظراً من خلال حلقات الدخان للجالسين حوله وهم يثرثرون عما أبتلي المحروسة القاهرية من حرائق متتالية ... ترتفع كلماتهم الأخف من الجاذبية وتذوب كالزبد الجُفاء مع دخان شيشته المتطاير

يشعر بالضجر ... يخرج بعض الجنيهات المهلهلة ويهم بمناداة الحساب ليجد فتي المقهي وقد أنغمس بدوره في حديثهم الناقد المجتمعي البناء حول من حرق حقول الموووز ليفوز وحده بالبطيخة الذهبية ... يلقي النقود بعصبية تشوبها لا مبالاة ويغادر ...

يسلك طريقاً مختصرا نحو منزله الذي زاده الملل أبتعاداً ... حشد يسارع في بناء نصب جنائزي قبل مغيب الشمس ... يتذكر نيتشه .. ( في العزلة المتوحد يلتهم نفسه .. وفي الحشود تلتهمه اعداد لا متناهية ) ... ( راسل كرو ) يزاحم نيتشه ... في ( العقل الجميل ) كانت الفقرات المكتوبة في أعمدة ونصوص من الكلمات تغشاه وتربك عقله الفالت لتتشكل في كيانات موحدة فيما وراء بصره لتجعل من نفسها كيانات رياضية منظمة هادفة تشاركه هلاوسه وجنونه الطفولي عن أن ربما بعض السوفييت يتراسلون مع عملائهم في أمريكا بأشارات ما عبر المجلات ... هااا ... من قلب موجات الفوضي يتكثف النظام

* * *
تجد نفسك في خضم الاحداث ، فوران الحركة وأزدحام الشخوص ... غرائبية التزامنات ... لا يفضي بك هذا إلا لفقدان المعني ... صراعات ورغبات ومخاوف تجد سبيلها نحو الوعي الخؤون باللغة المتشابكة مع رتابة الزمن ... فلعلها عزلة ما قد تترك أثراً في إثراء المعين ... المعني

* * *

بينما كنت راكباً الحنطور وأتنحطر كانت تلك الدوائر قد بدأت دورانها الأهليلي في فلكها حول رأسي معلنة بداية الخلق لأفكار غير الأفكار ....وكلمات غير الكلمات......أو السقوط في بئر اللاوعي...وكان هذا هو الأحتمال الأوقع. أنظر يميني لأتأكد من قدرتي البصرية لأجد السمراء ما زالت بجانبي وهذا شيئ عظيم.....أنا لم أفقد الوعي بعد......حقيقاً هي مختلفة قليلاً أو كثيراً ولكن ما أهمية ذلك؟؟

هي ما زالت بجانبي وهذا يكفيني لأتأكد من أني ما زلت في صحراء الوعي وتلك الأفلاك الدائرة التي تحاول أخراجي قد فشلت تماما في مهمتها

يا عم فهممممممممممممممي......بكل ما ملكت من عقيرة ناديت ....ذلك الكهل الذي أفني حياته بين رعاية تلك العربة والتي وان زاد عمرها عن الاربعين عاماً ما زلات محتفظة بكثير من رونقها الفرنسي الراقي. واما ذلك الحصان الذي يقود العربة فهو بالطبع ليس فرسها الأول ولكنه بحسب رواية فهمي الثالث أو الرابع...لا اتذكر تحديداً....أطفي الكاسيت يا عم فهمي.............. ينظر لي ببطء فرس نهر عجوز ثم ينظر للكاسيت الذي يصدح بأغنية شعبية تتحدث عن الحناطير والحنطرة ويتمايل معها لثوان ثم يلبي رغبتي

لست أدري لماذا كلما أحببت أن اتأكد من أنني لست أحلم وأن ما يحدث هذا حقيقي أنظر لها.....هي غير جميلة وأن كانت تحمل جاذبية شرقية تذكرك بالهنديات . حتي أنني لا أتذكر أين عرفتها ,هو بالتأكيد خلال الأيام الثلاثة السابقة حين بدأت أحلم وأهذي كثيراً

شايفة البيت ده ؟؟........

أيوه شايفاه......

البيت ده في الدور التاني كان ساكن واحد صاحبي أسباني كان عايش في بلدهم لا بيه ولا عليه لحد ماطقت في نافوخه يزور مصر ويا ريته ما زارها

ليه ....؟.....ليه يا ريته ما زارها ؟؟

مش عارف بأة يعني هو لو مكنتش جه مصر كان سكت.... كنت زمانه عايش في تونس ولا في الصين حتي.....هو كانت دماغه بتحدف علي تعدد ثقافات والبحث عن حقيقة الوجود بمختلف معنايها ولغاتها (أميل علي أذنها كمن يخبر بسر)......كان من النوع اللي مش مستريح وحاسس ان فيه حاجة غلط حواليه.....حاسس بزلطة بتلعب جوه دماغه......الحرية يا جميلتي الحسناء....الحرية...كان أنسان حر أوي

علامات عدم الفهم علي وجهها مع نظرة استنكار لخروجي عن السؤال......تعددية ايه؟؟...وحقيقة وجود ايه؟؟؟.....قولي ليه يا ريته مازراها؟؟

لاحظت أهتمامها بغض النظر عن بلاهتها المعذورة فيها فقررت أن احكي لها.........أنا عرفته أصلاً من حاجة أسمها التبادل الطلابي....التبادل الطلابي ده كان بيجيب طلبة من اوروبا هنا مصر ويودي طلبة مصريين اوروبا لمجرد الزيارة....الحاج آندي بأة كان بيدرس طب في أسبانيا وزي متقولي كده مصدق وجد فرصة لزيارة دولة عربية وظبط الليلة وكتب مصر... وجتله مصر

أصمت ثم أسرح في صوت خطوات الحصان المنتظمة فتبادر هي.....سكت ليه؟؟....مش عايز تكمل؟؟--

لا لا عادي بس سرحت.....المهم اتعرفت عليه بالصدفة في يوم حر شديد اوي....سألني علي مكان بيع لميه او بيبسي....وديته الكافيتريا واتعرفنا....................خلصت الزيارة لمصر ورجع بلدهم واذ أفوجيء بعد تلات سنين برسايل علي الايميل منه وبيقولي انه جاي مصر, ابن المجنونة جي مصر

أسمع صوت ضحكتها الغير مصطنعة لأول مرة...........وبعدين؟؟--

بس.....قرر يقيم في مصر ويتعلم اللغة العربية......وبس.......قعد هنا سنتين وشوية و رجع اسبانيا.........وبس

بس ايه؟؟--

يعلو صوتي فجأة........بس يعني بس....كفاية كده ....الشوية دول كفاية النهاردة....آندي أنتحر.....وصلي خبر انتحاره وحطم دماغي لفترة طويلة .....................لما كان بيراسلني كان بيقولي دايما انه بيفكر يموت نفسه وانا طبعا كنت فاكره مش واخد الحكاية جد كده.....بيهيس يعني......ومطلعشي بيهيس يا ..........وانتي أسمك أيه بالمناسبة؟؟

تلاحظ ضحكة السخرية علي وجهي......أسمي أندي

أسمك آندي برضه.....أنعم وأكرممم ..... مع حرف الميم أشعر بالوجود يسحب ليدور في حلقة الحرف ثم يسكب في طرفه ......... يبدو انها نهاية ال

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قاص و روائى سكندرى